دوار اليابسة

الوحدةُ صفة وليست حالة، صفةٌ واضحةٌ كعُريكَ عندَ أوّل عراءِ الفجرِ في غرفةٍ من الشبابيك، الضوء كثيفٌ يوهمكَ أنّكَ لستَ وحدك، لكنّك مجرّدُ قاربٍ مليءٍ بالمُهاجرين، قد يحدّثون بعضهم درءاً لخوفِ التوغّل في وهم الغرق، قد يحبُّون بعضهم همساً وجهاراً، قد تسمعُ أصواتهم وهم يمسكون حوافك، لكن، لا فرق، ما زلتَ ذات القاربِ الوحيدِ في محيطٍ يشبهك، محيطٌ وحيدٌ يخافُ وحدته أمام تعدادهِ أصوات القوارب.

هو وجهكَ في كوكبٍ من الثُنائيّات.

هو حبٌ أجل، لكن، مثلك ومثلهم، مؤقّت، سيتركونك ما إن يصلوا يابسة، وأنتَ لم تعدُ قادراً في الوقت المتحوّل المؤقت على تكرار تجربة دوار اليابسة، لعبةُ المحيط أحلى، تشربه، ويأكلك.

ابنُ ذاك المحيط أنت، اليابسةُ قدّاسٌ لروّاد الخوف المساكين الخائفين من أن يصيروا قواربَ.

ما لا يعرفونهُ، أنّهم، في أفضلِ أحوال إحساسهم بامتلاءٍ على أي يابسة، سيكون امتلاءً كاذباً، هم قوارب أيضاً، لكن، بلا ركّاب.

قواربُ اليابسة لا ركّاب فيها، لكنّها مربوطةٌ ومثبتةٌ جيّداً بالأرض،

ذلك مريحٌ ومخيف في الوقتِ ذاته، لا وصفَ ينصفهُ، حلوٌ ومرّ، هو صمتكَ تماماً. * .. https://www.alaraby.co.uk/culture/2015/8/21/%D8%AF%D9%88%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%A8%D8%B3%D8%A9